اخبار السعودية

ترامب يفجر المفاجأة: لماذا يعتبر التحالف مع السعودية صمام الأمان لأمريكا؟

في لحظة فارقة من تاريخ العلاقات الأميركية–السعودية، جاءت قمة نوفمبر 2025 بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتفتح صفحة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين البلدين.

فالقمة لم تكن مجرد اجتماع سياسي رفيع، بل محطة مفصلية أعادت رسم شكل الشراكة في الدفاع والاقتصاد والطاقة والتكنولوجيا، وأرسلت رسالة واضحة مفادها أن التحالف بين الرياض وواشنطن بات اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة.

هذه القمة التاريخية لم تنتج اتفاقات ضخمة فحسب، بل أعادت تعريف الدور الذي تلعبه السعودية في الأمن القومي الأميركي، ورسخت مكانتها كحليف لا غنى عنه في بيئة دولية تموج بالتحديات والمنافسة بين القوى الكبرى.

ترامب يفجر المفاجأة: لماذا يعتبر التحالف مع السعودية صمام الأمان لأمريكا

أسفرت القمة التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر 2025 عن إطلاق أكبر حزمة تعاون ثنائي بين البلدين منذ ثمانينيات القرن الماضي. وشملت الحزمة اتفاق دفاعي ملزم، وترقية مكانة السعودية لتصبح حليفاً رئيسياً من خارج الناتو، إلى جانب الموافقة على تزويد الرياض بمقاتلات F-35 المتقدمة.

كما امتدت الاتفاقيات إلى مجالات المعادن الحرِجة، والتقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، إضافة إلى تعهّد سعودي بضخ استثمارات تصل قيمتها إلى تريليون دولار داخل الاقتصاد الأميركي خلال السنوات المقبلة، وهو ما يعكس مستوى غير مسبوق من الشراكة الاستراتيجية.

هذا الزخم عزّز قناعة ترامب بأن العلاقة مع السعودية تمثل ركيزة مباشرة للأمن القومي الأميركي، خصوصاً في بيئة عام 2025 التي تشهد تنافساً محتدماً بين القوى الكبرى، وتصاعداً في التحديات الإقليمية. ووفق تقييمات الخبراء، فإن الاتفاقات الجديدة لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية، بل جزءاً من رؤية استراتيجية أوسع تهدف إلى بناء محور أمني واقتصادي طويل المدى.

وفي هذا السياق، يؤكد برادلي بومان، المدير الأول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، أن السعودية تُعد شريكاً أمنياً بالغ الأهمية للولايات المتحدة، وأن توسيع التعاون الدفاعي مع الرياض يخدم المصالح الأميركية، ويساهم في تشكيل منظومة ردع أكثر فاعلية ضد مصادر التهديد في المنطقة.

كما أشار تقرير صادر عن مركز صوفان إلى أن زيارة ولي العهد لواشنطن أفضت إلى اتفاقيات تحمل فوائد استراتيجية واقتصادية متبادلة، ويمكن أن تعزز قدرة البلدين على مواجهة طيف واسع من التحديات الإقليمية. ويرى التقرير أن الاتفاق الدفاعي الجديد وصفقة F-35 ترسخان موقع السعودية كأحد أقرب الحلفاء إلى واشنطن.

ورغم أن الحزمة الجديدة ركّزت على التكنولوجيا والمعادن، إلا أن معادلة “النفط مقابل الأمن” ما تزال حاضرة. فبحسب مركز صوفان، لا يزال القادة السعوديون يستشهدون بالهجمات السابقة على منشآت النفط في المملكة باعتبارها سبباً رئيسياً للمطالبة بضمان دفاعي أميركي صريح. وفي المقابل، توفر المظلة الأميركية مستوى من الأمان يسمح للرياض بتنظيم سوق النفط بثقة أكبر دون خشية من الاضطرابات.

ومن زاوية الطاقة النووية والمعادن، ترى جنيفر غوردون، مديرة مبادرة سياسات الطاقة النووية في المجلس الأطلسي، أن الاتفاقيات الجديدة تمثل نهجاً عملياً يركز على التقنيات ذات التأثير المباشر على الأمن القومي، خاصة في مجالات الطاقة والمواد الاستراتيجية.

أما في الجانب الاقتصادي والتكنولوجي، فيشير مركز صوفان إلى أن الاستثمارات السعودية المرتقبة داخل الولايات المتحدة—والتي قد تصل إلى تريليون دولار—ستُعيد تشكيل الروابط المالية بين البلدين، وتساهم في تقليل اعتماد المملكة على عائدات النفط، مع منح الشركات الأميركية أولوية في قطاعات الذكاء الاصطناعي والمعادن وأشباه الموصلات، مما يعزز موقع واشنطن في منافستها مع الصين.

وفي ملف الطاقة النووية وسلاسل التوريد، أكد وزير الطاقة الأميركي كريس رايت وجود فرص متعددة لبناء شراكة نووية مدنية تلبّي أهداف البلدين، وتقلص الاعتماد على روسيا والصين في الوقود النووي. فيما وصف الباحثان دانيال إي. موتون وغرايسيلين باسكاران، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، الاتفاق المعدني الجديد بأنه خطوة تمهّد لمرحلة جديدة من التعاون في المعادن الحرِجة، قد تعيد تشكيل سلاسل التوريد العالمية وتمنح الولايات المتحدة أفضلية استراتيجية في الصناعات المستقبلية.

وبالنظر إلى مجمل آراء مراكز التفكير الأميركية—من FDD إلى المجلس الأطلسي وCSIS ومركز صوفان—يتضح إجماع واسع على أن الشراكة مع السعودية باتت اليوم أحد أهم الأصول التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في استراتيجية الردع بالمنطقة، وفي الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة، وضمان تدفقات الاستثمار، وحماية سلاسل التوريد التكنولوجية الحساسة.

وعند جمع هذه الاستنتاجات، تظهر الصورة بوضوح: فقراءات الخبراء المحيطة بقمة نوفمبر 2025 تؤكد صواب رؤية الرئيس ترامب بأن السعودية تبقى الشريك العربي الذي لا يمكن لواشنطن الاستغناء عنه. والاتفاقيات الجديدة ليست مجرد تحديث للعلاقة التقليدية، بل ترقية استراتيجية شاملة تمنح الولايات المتحدة قدرة أعلى على الردع، وتدعم أمن الطاقة، وتفتح المجال أمام عوائد اقتصادية واعدة، وتحد من المخاطر التي قد تجر إلى صراع إقليمي واسع.

وبذلك تبدو الشراكة الأميركية–السعودية في عام 2025 أكثر قوة وعمقاً وتأثيراً في هيكل الأمن القومي الأميركي مما كانت عليه في أي وقت مضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى